الأحد، 11 أبريل 2010

شاعر قلين / عبد الرحيم الشهاوي

شاعر قلين / عبد الرحيم الشهاوي
ومدرسة الرقة العاطفية في ديوانه " الحلم الخادع "
بقلم الشاعر / إسماعيل بريك
بين أحضان الطبيعة في قلين ومناظرها الخلابة نشأ شاعرنا الرقيق عبد الرحيم يوسف الشهاوي محباً للشعر عاشقاً للخيال – متيما بكل جميل سواء أكان شعراً أو نثراً – كان ميلاده في منتصف الأربعينيات الميلادية والتحق بالتعليم العام حتي حصل علي معهد المعلمين بعد الثانوية العامة وانخرط في سلك العاملين بالتربية والتعليم بقلين وتدرج في السلم الوظيفي حتي مدير عام وأحيل إلي المعاش لبلوغه السن القانونية عام 2005م – أطال الله عمره – فهو شاعر معاصر من شعراء الفصحي ينتمي إلي مدرسة الشعر الرومانسي والرقة العاطفية – قرأ لأبي العلاء المعري وأعجب بسيرته الذاتية وأشعاره الفلسفية وبخاصة " رسالة الغفران " وأعجب بشعر محمود سامي البارودي – وانبهر بكل ما كتبه المنفلوطي وأحب عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وهام عشقا في أدب العقاد وفكره وكانت بينه وبين العقاد رسائل نشرت في الجزء الرابع من " يوميات العقاد " وقرأ لأمير الشعراء أحمد شوقي- وحافظ ابراهيم –ومحمد عبد المطلب – وتأثر كثيراً بصالح جودت وزملائه من مدرسة الرقة العاطفية . ومن ثم جاء شعر الشاعر / عبد الرحيم الشهاوي امتدادا لتلك المدرسة في عذوبة اللفظ وحلاوة الجرس الموسيقي وجمال الصورة الشعرية يبدو ذلك واضحا في جميع قصائد ديوانه الجديد ( الحلم الخادع ) من إصدارات نادي الأدب بقصر ثقافة قلين والذي يضم حوالي ثلاين قصيدة من شعر الفصحي يغلب علي طابعها الغزل الرقيق فنقرأ له في مطلع هذا الديوان قصيدة بعنوان " الحلم الخادع " يخاطب فيها محبوبته قائلا :
هذا غرامك قاتل
يشوي الجسوم ويحرق الأذهانا
أسهرتني ليلا طويلا قاسيا
بين الظنون معذبا حيرانا
أتمثل الماضي وأرقب حاضري
وأري المني في خاطري بستانا
فيه طيور العشق تصدح بالهوي
وترتل الأنغام والأحانا
والزهر يبعث حولنا أنفاسه
والنخل يبدو رائعا فتانا
والشمس تسحرنا بتبر ضيائها
والنور يرقص مثلنا نشوانا
والماء يجري عازفا أنغامه
فنذوب نحن صبابة وحنانا
ونرتل الشعر الذي قد صغته
نغماً شجياً للهوي عنوانا
* وهكذا يصور لنا الشاعر عبد الرحيم الشهاوي غرامه بمحبوبته بأنه غرام قاتل يشوي الجسوم ويحرق الأذهان وأنه يسهر ليلا يتمثل الماضي ويرقب الحاضر ويري المني في خاطره بستانا فيه طيور العشق تصدح بالهوي والزهر يبعث أنفاسه ويري كل شيء في هذا الوجود جميلا فالنحل يبدو رائعا والشمس تسحره بتبر ضيائها والنور يرقص والماء يجري عازفا أنغامه فيرتل المحب الشعر الذي صاغة نغما شجيا للهوي عنوانا تلك هي صورة الحب عند الشاعر / عبد الرحيم الشهاوي هيام ووجد وهجر وصد وحرمان
* وتبرز تلك الصورة واضحة في قصيدة له بعنوان "أفاتنتي " يقول فيها :
أفاتنتي ملكت زمام قلبي
ووحي عواطفي وصميم لبي
وأضناني الهوي من نار وجدي
فهمت مضيعا في كل درب
يراني الناس جذلانا ضحوكا
وتحت أضالعي نيران حبي
أعاني من غرامك ما أعاني
ولم يعلم بحالي غير بي

*والحب عند الشاعر عبد الرحيم الشهاوي لم يقف عند صورة الفاتنة التي ملكت زمام قلبه ووحي عواطفه فأضناه الهوي . إنما تعدت تلك الصورة إلي شكل أخر هو العتاب فنقرأ له قصيدة بعنوان " عتاب "يقول فيها :
كانت رسائلك الجميلة سلوتي
واليوم أحيا فاقد السلوان
كم هز أعماقي حديث صادق
كالسحر .. يغمر مهجتي وكياني
ولرب حرف قلته أحيا المني
وسري كنور الفجر في وجداني
فلم التباعد ؟ والتجافي بيننا؟
وأنا المعني والجحود زماني

* ويجسد الشاعر / عبد الرحيم الشهاوي صورة المحب الولهان في قصيدة أخري بعنوان" نبع الهامي " يقول فيها :
وكان الحب ثالثنا وسحر الليل حيانا
وعين البدر ترمقنا وتحفظنا وترعانا
وهمس العشق يغمرنا ويسكرنا بألحان
وكل الناس قد فتنوا بياقوت ومرجان
فحب المال صيرهم بلا قلب ووجدان
وإني لم أجد فتنا ولا كنزا من الذهب
ولا شيئا أعانقه ويملك دفة القلب
سوي عينيك يا قمري ويا عمري ويا قدري
فأنت الزاد في زمني وفي حلي وفي سفري
* كما يجسد لنا صورة الهجر والصد والحرمان في قصيدة له بعنوان " مقادير " يقول فيها :
تجافينا تجافينا جفاء رغم انفينا
وعشنا في الدجي القاسي علي ذكري غرامينا
وناب البعد مزقنا ولم يرحم شبابينا
وحطم حلمنا الغالي وبدد نور شملينا
فبتنا والاسي يغلي .. بصدرينا .. بقلبينا
بكينا من تعاستنا بكاء هز عمقينا
قبعنا في الدجي تنعي ونندب سوء حظينا
ونذكر ماضيا ولي رقصنا فيه غنينا
ورددنا قصائدنا علي أوتار روحينا
وطير الحب قد غني علي أغصان قليبنا
وطرنا من صبابتنا ولم نعلم إلي أينا
وجاء الدهر مختالا ويدل قربنا بينا
*ونترك شعر الغزل عند الشاعر عبد الرحيم الشهاوي لنقرأ له في باب الرثاء قصيدة في ذكري العقاد تحمل بين طياتها رقة الشعور ونبل عاطفة الرثاء – يقول في تلك القصيدة :
فاضت عليه من الأسي عينان
وبكي علي شيخ القريض جناني
وتمزق القلب الحزين من الجوي
والبعد والفقدان والهجران
فالشرق يندب شيخه وأديبه
والشعر يبكي صدحة " الكروان "
عباس يا باني القصور شوامخا
تبقي مدي الأيام والأزمان
يا هادم الرث القديم بفكرة
بيضاء تبطل حجة البهتان
إني عهدتك يا إمامي صادقا
فيما كتبت مؤيدا ببيان

* ونعود مرة أخري إلي شعر الغزل عند الشاعر عبد الرحيم الشهاوي لنلتقي بقصيدة له بعنوان " قرار " يؤكد فيها أنه لن يعود ثانية إلي سجن الهوي أبدا فيقول :
لا تطلبي عودي
فاني طائر عاف العشاش وتلكم الاحجارا
قد ملها قلبي … ومل بقاءه فيها
وان تك عسجدا ونضارا
إني كسرت قيود حب شفني
وكرهت ذلا في الهوي وإسارا
وألان أحيا في الوجود منعما
أهوي النسيم وأعشق الازهارا
وأعيش للدنيا ... لرائع سحرها
للشمس تغمر مهجتي أنوارا
للبدر ... في ليل القري .... لجماله
للنهر صاغ خريره أشعارا
إني وجدت الكون ... خير منادم
يأسو الجراح ... ويحفظ الأسرارا
أأعود ثانية ... إلي سجن الهوي ؟
أبداً ... فقد تخذت قرارا
!!
* والشاعر عبد الرحيم الشهاوي دائم التفاؤل في حياته وشعره فنقرأ له قصيدة بعنوان " تفاؤل " فيقول :
عش في الحياة مغردا فنانا
واصحب زمانك باسما فرحانا
كن في الوجود كبلبل مترنم
يشدو فيملأ كوننا ألحانا
كن كالزهور بشاشة ونضارة
تلق الهناء مرنما نشوانا
لا تبتئس فالعمر يجري مسرعاً
واغنم حياتك ضاحكا جذلانا
واستقبل الدنيا بقلب راقص
واطرح همومك واترك الأشجانا
فالدهر يضحك أن ضحكنا
وان تكن متجهما تلق الأسي ألوانا
* والشاعر الرقيق عبد الرحيم الشهاوي يحب الدعاية والطرافة والفكاهة فنقرأ له من الأدب الفكاهي قصيدة بعنوان " هكذا عاش الشهاوي " يقول فيها :
يا رفاقي إن جيبي ما به غير البلاوي
إنني كييف شاي … إنني أهوي الكلاوي
معدتي مثل الرحي .. منظري مثل الحصاوي
من له بطن كبطني ..عاش طول الدهر خاوي
لا تلوموني رفاقي هكذا عاش الشهاوي

* ونختتم هذه القراءة لديوان " الحلم الخادع " للشاعر الرقيق عبد الرحيم الشهاوي بقصيدة من شعر الوجدان بعنوان " شاعر الأوهام " يقول فيها :
قد سرت يا شاعر الأوهام في الوهم الكبير
قد سرت حتي أدميت قدماك من طول المسير
وحملت أعباء الحياة وضعت في الدرب المرير
ونساك دهرك انه دهر يعيش بلا شعور
ذو العقل فيه معذب .. داجي الأصائل والبكور
يحيا بقلب موجع ... من طعنة الألم الحسور
ويعيش مرتاعا من المجهول في دنيا الشرور
أواه من أيامه .. نار وأشجان تثور
* وبعد كانت هذه قراءة سريعة لشعر الشاعر عبد الرحيم الشهاوي من شعراء مركز قلين والذي أثري الساحة الأدبية من خلال قصائده التي نشرت بالصحف والمجلات الأدبية المصرية والعربية ومن خلال مشاركاته في البرامج الإذاعية المختلفة وبخاصة برنامج اللغة الشاعرة في سماء القاهرة بالبرنامج العام والذي يحظي بشريحة كبيرة من المستمعين في مصر والعالم العربي . والله من وراء القصد .


هناك تعليق واحد:

  1. عرفته عن طريق الأذاعة معلقا على فقرات مذاعة ومعقبا أحيانا. صوته دافئ شجي، كلماته رصينة حكيمة.ألقائه الشعري عذب، ثقافته واسعه ممتده لكل ميادين المعرفة وخاصة لغتنا الجميلة. سمعته اليوم السبت18/5/2013م عصرا وهو يحلل الحالة المترديه التي تمر بها مصر من الممارسات الأخوانية التي تكاد تقذف بمصرنا إلى حافة الهاوية ويقاطعه المذيع مدعيا بأنقضاء الوقت فيختم الشهاوي حديثه بأيات من القرأن الكريم تصف مانحن فيه

    ردحذف