الخميس، 1 يوليو 2010


هاشم الرفاعي الشاعر الثائر
بقلم / إسماعيل بريك
ولد هاشم جامع هاشم الرفاعي " في قرية انشاص الرمل التابعة لمركز بلبيس – محافظة الشرقية في منتصف مارس سنة 1935 م في أسرة مسلمة متدينة متصوفة وحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية " كتاب الشيخ محمد عثمان " – التحق بالتعليم المدرسي ولكنه تركه وهو علي أبواب الابتدائية نظام قديم ثم التحق بمعهد " الزقازيق " الديني الأزهري سنة 1947 وبدأ ينظم الشعر في سن مبكرة وكانت أولي قصائده من وحي الحملة العربية لإنقاذ فلسطين عام 1948 وهو بالسنة الثانية الابتدائية الأزهرية – وظل هاشم الرفاعي بمدينة الزقازيق تسع سنوات كاملة ما بين عامي 1947 م – 1956 م كانت هذه الفترة ذات اثر كبير في إبراز معالم شخصيته حيث حصل علي الشهادة الثانوية الأزهرية سنة 1956 م والتحق بكلية دار العلوم بالقاهرة وتم اختياره طالبا مثاليا للجمهورية عام 1959 م وزاع صيته في المهرجانات الأدبية في القاهرة ودمشق ونشرت قصائده في معظم الصحف . وقبل أن يكمل دراسته بدار العلوم وهو بالصف الثالث طعنه أحد الحاقدين ثلاث طعنات بسكين فلقي ربه علي الفور في يوم الأربعاء الموافق 1/7/1959 في " انشاص " وأرجع سبب الحادث إلي التنافس علي رئاسه النادي الرياضي بـ " انشاص " وقد كان موته صدمة عنيفة للأوساط الأدبية في مصر والعالم العربي – قال عنه استاذه " علي الجندي " : " لو قدر لهاشم الرفاعي البقاء إلي سن الثلاثين لغطي علي جميع شعراء العربية في العصر الحاضر " . ومن رثاء الأستاذ علي الجندي فيه :
أطول الفخر أن تحوز الذي
حزت من الفخار في الزمان القصير
نلت ما نال حافظ وخليل
بل وأدركت حظ شوقي الأمير
كرموهم وكرموك وفخر
أن يحوز الصغير شأو الكبير

* ورثاه الشاعر السوري " شفيق جبري " فقال :
هتف النعاة علي دمشق لففت بيض الثياب
ورمت إلي بحزنها والليل مسود الخضاب
فركبت متن الريح يدفعني السحاب إلي السحاب
واتيت " مصر " ودونها أفق مغطي بالضباب
حتي لقيت النيل مضطرم الغوارب والعباب
* ورثته الشاعرة السورية الدكتورة / طلعة الرفاعي فقالت :
أنا لست انسي يوم قولك يا أخي
(والحبل والجلاد منتظران )
ما ضر لو صبرت ركابك يا أخي
ووقفت تشهد ثورة البركان
ورأيت سيل النار يهدر هازئا
بجماجم الأنذال والعبدان
ورأيت موكب امتي في زحفها
القا يبيد دياجر الطغيان
* وقال عنه الأستاذ : زكي الهندس " عميد كلية دار العلوم الأسبق :
" لو قدر لهاشم الرفاعي البقاء لكان اشعر أهل زمانه "
* ورثاه الشاعر / محمد محمد الشهاوي بقصيدة وكان وقتئذ طالبا بمعهد دسوق الثانوي الديني يقول فيها :
ظلموك يا صاحي أجل ظلموكا
لما بقبر مظلم .. دفنوكا
لو أنصفوا يا ابن السماء رأيتهم
بين الثريا والسها خبئوكا
إن الكواكب لا تواري في الثري
لكنهم بصنيعهم غبنوكا
قد كنت في روض القريض حمامة

تشجي بلجنك كل من سمعوكا
قد كنت في جيد البيان قلادة
ضاعت فصار بدمعه يبكيكا
قد كنت في أرض الكنانة وردة
أنفاسها قد عطرت واديكا
حقد وبغض من سفيه أحمق
شلت يداه قبل أن يرميكا

إن الضغائن في النفوس طبيعة
فارقد شريفا في حمي باريكا
لولا قضاء الله حم وجدتني
بنياط قلبي يا أخي أحميكا

* ويقول عبد الرحيم الرفاعي شقيق الشاعر في مقدمة ديوان هاشم الرفاعي الذي قام بتحقيقه ودراسته وصدر عن مكتبة الإيمان – المنصورة – الطبعة الأولي عام 1996 يقول :
" رأيت من واجبي نحو شقيقي الشاعر هاشم الرفاعي – رحمه الله – وقد تناولته الأقلام واختلفت حوله الآراء ، حول فنه وشعره وفكره منذ رحيله في الأول من يوليو سنة 1959 م حتي اليوم فتناولته أقلام مختلفة التيارات الفكرية ، أرادت عن قصد وعن غير قصد أن تصبغ شاعرنا بأفكار بعينها وتطوع شعره لأهداف مقصودة ورغم أنني وأخوة لي قد شاركنا في اغلب ما كتب عن هاشم الرفاعي منذ وفاته عام 1959 م حيث قام شقيقي الأكبر الشيخ / مصطفي الرفاعي – رحمه الله – بتجميع ما ترك الشاعر من مخطوطات دونها بخط يده – وقام بتبويبها وترتيبها وكتابة نبذة عن حياة الشاعر ودراسة عن شعره وفكره وسلمها للسيد / محمد كامل حتة – الذي كلفه السيد / كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم آنذاك بالإشراف علي طبع اول ديوان يحمل اسم الشاعر فقام السيد / محمد كامل حتة بمراجعة ما كتبه شقيقي المرحوم /مصطفي الرفاعي وعدل وأضاف وحذف حتي صبغ الديوان بما كان سائدا من أفكار وقتها عام 1960 م ثم شاركت مرة أخري في الدراسة التي قام بها السيد / محمد حسن بريغش " ديوان هاشم الرفاعي " الأعمال الكاملة وصدرت عام 1980م عن مكتبة الحرمين بالرياض – المملكة العربية السعودية وقام محقق الديوان هو الأخر بصبغ الديوان وتطويع قصائده إلي ما يؤمن به من أفكار . هذا وقد تناولت حياة الشاعر الكثير من الأقلام والالسنة من أصحاب التيارات الفكرية المختلفة فرأي البعض أن هاشما كان شاعرا قوميا يدعو إلي القومية العربية وهذا ما ذهب إليه السيد / محمد كامل حتة . ويري الأعم أنه كان شاعرا من شعراء الدعوة الإسلامية " .
** هاشم الرفاعي حياته وفنه :
لقد ظهرت الموهبة الشعرية مبكرا لدي هاشم الرفاعي وكانت أولي قصائده من وحي الحملة العربية لإنقاذ فلسطين عام 1948 م وهو بالسنة الثانية الابتدائية الأزهرية وعمره وقتئذ 13 سنة كتب قصيدة " فلسطين " يقول فيها :
آن الجهاد فأقدم أيها البطل
وامسك حسامك واطعن قلب صهيونا
جاءوا يريدون تقسيما فقل لهم
والسيف يشطرهم لن نقبل الهونا
* وعندما توفي والده في 25 يونيه سنة 1949 م وعمر هاشم الرفاعي وقتئذ 14 سنة كتب قصيدة يرثي والده يقول فيها :
ذهب الإمام فما رأيت لرده سبلا فهل تجدي الدموع وتنفع
ياليتها تجدي إذا لرأيتها بحرا عجاجا من عيون ينبع
* وفي عام 1951 م وعمره 16 سنة كتب قصيدة بعنوان " مصر الجريحة " يقول فيها :
ما راعني في الليل إلا أن أري شبحا بأثواب الدجي يتلفع
يمشي الهوينا شاكيا وكأنه صب بساعات الرحيل يودع
فدنوت منه محاذرا فإذا به حسناء أنهكها الأنين الموجع
فهتفت ما بال الفتاة أري لها قلبا يفيض آسي وعينا تدمع
من أنت يا أختاه ؟ قال يا فتي إني أنا مصر التي تتوجع
ابكي علي مجدي واندب عزتي هذان فقدهما مصاب مجذع

يا ويح قومي قد أضاعوا دينهم فإذا بهم شعب ذليل خانع
ناديتها : نفسي فداؤك لا البكا يجدي ولا طول التفجع ينفع

* وفي نوفمبر سنة 1953 م أصدرت إدارة الجامع الأزهر قرارا يحتم علي طلاب الأزهر ارتداء الزي الرسمي – فكتب هاشم الرفاعي قصيدة يقول فيها :
أعوذ بالله رب الخلق والنسم
من محنة أقبلت في حالك الظلم
هذي النوائب يا للناس قد نصبت
فوق الرؤس كأبراج من الغمم
ماذا فعلنا بهم حتي يضايقنا
منهم قرار بكابوس من العمم
هذي العمائم فوق الرأس كارثة

فكيف نلبسها في الأشهر الحرم
قالوا العمامة زي الدين قلت لهم
إن الشريعة بالأزياء لم تقم
كم عمة فوق رأس حشوه خرف
وحاسر ليس في علم بمتهم

* وفي أواخر عام 1954 م وبداية عام 1955 فصل الشاعر / هاشم الرفاعي من المعهد الديني وحرم من دخول امتحان الشهادة الثانوية الأزهرية عام 1955 وأعيد إلي الدراسة في أكتوبر 1955 بعد حرمانه عام دراسي كامل . وقد كان هذا الحدث بمثابة الشرارة التي أشعلت نار الثورة لدي هاشم الرفاعي الشاعر ضد عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة فكتب عددا من القصائد اسماها " جراح مصر " عدد عشرة قصائد خلال الفترة بين عام 1954 – 1957 م رتبها هاشم الرفاعي حسب تاريخ نظمها وكلها تحكي الأوضاع التي سادت مصر خلال تلك الفترة بعد انفراد عبد الناصر بالسلطة وظلت هذه القصائد حبيسة الأدراج لدي أسرة هاشم الرفاعي منذ وفاته عام 1959 م حتي ظهرت الي النور ضمن الأعمال الكاملة لهاشم الرفاعي في ديوانه الذي قام شقيقه عبد الرحيم الرفاعي بتحقيقه ودراسته وصدر عن مكتبة الايمان – المنصورة – الطبعة الأولي حسب تواريخ كتابة تلك القصائد :
* القصيدة الأولي بعنوان : " مصر بين احتلالين " في أكتوبر سنة 1954 م يقول هاشم الرفاعي :
قالوا : الجلاء فقلت حلم خيال
لا تطمعوا في نيل الاستقلال
ليس الجلاء خروج جيش غاصب
إن الجلاء تحطم الأغلال
ان يترك الوادي الدخيل فاننا
نحيا بمصر فريسة الإذلال
ما كان هذا الأجنبي ببالغ
في البطش مبلغ سالم وجمال

* ويخاطب هاشم الرفاعي عبد الناصر قائلا :
لم يعرف الباستيل يوما بعض ما
في سجنك الحربي من أهوال
من كان يخشاه فمصر قد غدت
سجنا كبيرا محكم الأقفال

* القصيدة الثانية نظمها الشاعر في مارس سنة 1955 بعنوان " جلاد الكنانة "
يقول فيها مخاطبا عبد الناصر :
انزل بهذا الشعب كل هوان
وأعد عهود الرق للأذهان
واقتل به ما استطعت أي كرامة
وافرض عليه شريعة القرصان
واصنع به ما شئت غير محاسب
فالقيد لم يخلق لغير جبان
جلاد مصر ويا كبير بغاتها
مهلا فأيام الخلاص دواني
من أي غاب قد أتيت بشرعة
ما أن يساس بها سوي الحيوان
وبأي قانون حكمت قلم تدع
شيئا لطاغية مدي الأزمان
لو كان عهدك قبل عهد محمد
للعنت يا فرعون في القرآن

* القصيدة الثالثة " في الربيع " ابريل سنة 1955 يقول هاشم الرفاعي :
ربيع أظلته العيون السود
ومات له فوق الشفاه نشيد
بنا من زكام الرعب ما ليس عنده
يشم نسيم أو تشم ورود
الا ليت شعري هل نعيش مرة
وليس لبطش الحاكمين وجود
وهل ندرك اليوم الذي نرتقي به
ولم يبد منا للطغاة سجود

أفي مصر نحيا اليوم أم في جهنم
فقد نضجت منا الغداة جلود
ثلاثة أعوام رأينا خلالها
من الهول ما لا قد رأته ثمود
وذقنا من الإرهاب ما لا يذوقه
ولو مرة عند الحدود يهود

* القصيدة الرابعة بعنوان " زفرة " ابريل سنة 1955 يقول هاشم :
أنا يا أخي ارسف في السلاسل والقيود
بالنار يحكمني الطغاة .. وبالمشانق والحديد
والغل .. غل الظالمين .. مضي يطوق كل جيد
لم نرتضي هذا الهوان بنا … ولسنا بالعبيد ؟
قد ضقت ذرعا يا أخي بالمجد والعهد الجديد
إني كفرت بمصر … بالأهرام … بالنيل الحبيب
في أرض آبائي أعيش وليت لي عز الغريب
أصبحت من يوم الخلاص أعيش في شك مريب
والشمس .. شمس عزيمة الأحرار تجنح للغروب
قد لفها شفق الدماء وحمرة الدمع الصبيب
* القصيدة الخامسة : جمال يعود من باندونج مايو سنة 1955 يقول هاشم بمناسبة عودة عبد الناصر من مؤتمر عدم الانحياز بباندونج باندونيسيا :
قومي علام تهللون علاما
ولمن نصبتم هذه الأعلاما
ولأي عيد قد أقمتم موكبا
أبصرت فيه حرارة وزحاما
هل قام بعد التجبر نائب
في البرلمان يحاسب الحكاما
بشرتموني بالخلاص .. ومن يذق
مر الحقيقة يألف الأحلاما
يا امة منيت بأفدح نكبة
زادت شقي حياتها آلاما
من ذلك الصنديد رددت اسمه

هذي الألوف وقلدته وساما
أو ليس من فاق الطغاة ضراوة
وأحل من حر الدماء حراما
أو ليس منكر كل حق حوله
ولو استطاع لأنكر الإسلاما ؟
هل عاد من باندونج يا قومي سوي
من سامنا الإذلال والإيلاما
الكل يعرف ما بنا … فإلي متي
يخفون وجها في الرمال .. نعاما

هو لعنة نزلت علي قومي .. وما
زالوا علي رغم الهوان نياما
أعفيه من كل الملام فإنه
ذئب رأي في جوعه أغناما

* القصيدة السادسة :بعنوان " مع الثورة في ريقة القيد " أغسطس سنة 1955م
يقول هاشم الرفاعي :
هو الظلم يا ابن النيل بالنيل نازل
تمر بك الأعوام والليل شامل
صباحك ديجور وحقك ضائع
وعهدك مخفور فما أنت فاعل ؟
أري كل يوم للطغاة مكيدة

فلا الحق موضوع ولا الجور زائل
سجون قد اكتظت بمن نزلوا بها
ومعتقلات افعمتها الجحافل
وقد نصبت فوق الرؤس مشانق
لمن يبتغي دفعا لهم أو يحاول
يقولون : عهد لانتقال ورفعة
سيعقبه حكم من الشعب كامل

لئن كان حقا ما يقال .. فما لهم
علي غير ما قالوا تدل الدلائل

* القصيدة السابعة : سقوط ركن من أركان الطغيان – الصاغ صلاح سالم احد قادة ثورة يوليو " سبتمبر سنة 1954 م يقول هاشم الرفاعي :
أبي الله إلا أن تذل وتخضعا
وشاء لركن البغي أن يتصدعا
ويا طول ما اوجعت في مصر آمنا
فبت مثل من قدبات بالأمس موجعا
وفارقت دست الحكم والأنف راغم
فمت بالآسي أو عش ذليلا مضيعا
هو الكأس قد ذقناه فاشربه علقما
وعد بمرير الخزي منا مشيعا

هوي غير مأسوف عليه فلم يدع
بأي فؤاد للترحم موضعا
وكان سقوط الفرد مصدر فرحة
فكيف يكون الأمر لو سقطوا معا ؟

* القصيدة الثامنة : " ذكريات عام ضائع " العام الدراسي 54/1955 م
حيث فصل الشاعر من المعهد " ابريل 1956 م يقول هاشم :
خيال تمر عليه الصور
يعيد من الدهر ما قد غبر
ويضرب في لجج الذكريات
فترجع من الدهر ما قد غبر
ويا ليلة في الشتاء الكئيب
عوي ريحها فاستقر الشجر
شدت أم كلثوم في حفلها
وهز الخلي رنين الوتر

ونمت علي نغم حالم
فأيقظني صوت شيخ الخفر
أتي يطرق الباب في لهفة
فأحسست بالخطر المنتظر
وما كنت لولا سجون طغي
بها البطش في قسوة بل فجر
بمغتنم فرصة للفرار

فاغفي الجفون إذا قيل فر
ولكنها النار ذات الوقود
من الجور لواحة للبشر
نجوت بنفسي من شرها
فلست أري بعد أن انتحر

* القصيدة التاسعة : " جمال … رئيس الجمهورية يولية سنة 1956 م يقول هاشم :
لا مصر داري .. ولا هذي الربا بلدي
إني من الحق فيها قد نفضت يدي
أمسي نفاق ويومي ملؤه كذب
فما أؤمل من خير صباح غدي
قد أغمض القوم أجفانا مفرحة
علي الهوان وان كانوا ذوي عدد
شعب تلذ له أسياف قاتلة
حمرا وتطربه ترنيمة الصفد
وقد أراه وسوط الذل يرهبه
فلا يحس ولا يرثي لمضطهد
وقال جلادة يوما يداعبه
اختر رئيسك لا ترهب أذي احد

رئاستي إن تردها أنت كان بها
ولا سواي لها ان أنت لم ترد
وسيق قومي إلي تأييد سيدهم
يلف أعناقهم حبل من المسد
وقائل لي ينهاني وينصحني
السجن بات قريبا منك فابتعد
ان كنت ذا شمم في معشر جنحوا

للذل فاجنح له تركن الي رشد
فقلت فكري إحساسي أأقتله ؟
هذا الذي لم يدر يا قوم في خلدي
لن يحبسوا الروح عن سحر انطلاقتها
إن يسجنوني ولن يشقي سوي جسدي
* القصيدة العاشرة : نواب الأمة يوليه سنة 1957
م
" رشح الشيخ / مصطفي الرفاعي شقيق الشاعر نفسه لمجلس الأمة سنة 1957 فاستبعد اسمه " يقول هاشم :
ها هم كما تهوي فحركهم دمي
لا يفتحون بغير ما تهوي فما
إنا لنعلم أنهم قد جمعوا
ليصفقوا إن شئت أن تتكلما
وهم الذين إذا صببت لنا الأسي
هتفوا بان تحيا لمصر وتسلما
لم تلق خيرا منهموا ليشرعوا
ما تشتهي ويكبروا لك كلما
قد كنت مكشوف النوايا فاتخذ
منهم لتحقيق المطامع سلما

وسطوت قبل اليوم تحذر لائما
فالآن تسطو لا تخاف اللوما
ودعوتنا لنقيم مجلس أمة
حر فصدقنا وقلنا ربما
فأبيت إلا أن تكون كعهدنا
بك في النعومة والضراوة أرقما
وفجعت أمتنا بمجلسها الذي
سقتم إليه " موافقين " ونوما

* وتشاء الأقدار أن يتم انتخاب الشيخ / مصطفي الرفاعي شقيق الشاعر عضوا بمجلس الأمة عام 1964 م بعد خمس سنوات من وفاة الشاعر في 1/7/1959 .
ويقول عبد الرحيم الرفاعي شقيق الشاعر هاشم الرفاعي في تحقيق ودراسة ديوان هاشم الرفاعي الطبعة الاولي سنة 1996 صـ 62 يقول : " وقد اطلعني هاشم مع بعض من يثق فيهم من زملائه علي بعض قصائد ديوان " جراح مصر " في زيارتي له بالزقازيق " عندما كان هاشم بالمعهد الثانوي الديني بالزقازيق " وقد بلغ قمة الغضب والثورة في قصيدته الشهيرة " رسالة في ليلة التنفيذ " وسط جو الضيق النفسي في هذه الفترة " مارس 1955 " علي اثر رسالة تلقاها من زميل له ينتظر تنفيذ حكم الاعدام ويوصي الشاعر بان يسري عن والده وعن امه فالهمته هذه الرسالة واوحت اليه بقصيدته التي جاءت في قمة ما كتب الشاعر وسواء كتب الشاعر هذه القصيدة عام 1955 م كما تدل الدلائل او كتبها كما ذكر في الديوان الذي حققه الاستاذ كامل حتة فان هاشما اثر التورية في اسلوب نظم هذه القصيدة وغيرها حتي يمكنه اخراج ما يكتب الي النور دون ان يتعرض للاضطهاد حيث لم يتمكن من اخراج القصائد العشر " جراح مصر " .
هذا ما قرره عبد الرحيم الرفاعي شقيق الشاعر هاشم الرفاعي بشأن قصيدة " رسالة في ليلة التنفيذ " وهي رائعة هاشم الرفاعي التي ذاعت وانتشرت في جميع الاوساط الادبية في مصر والعالم العربي وهو اقرب الي الصواب من الرأي الذي ذكره الاستاذ / كامل حتة في تحقيق لديوان هاشم الرفاعي .
يقول الشاعر / هاشم الرفاعي في قصيدته " رسالة في ليلة التنفيذ " :
ابتاه ماذا قد يخط بناني
والحبل والجلاد منتظران
هذا الكتاب اليك من زنزانه
مقرورة صخرية الجدران
لم تبق الا ليلة احيا بها
وأحس ان ظلامها اكفاني
ستمر يا ابتاه لست اشك في
هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل
والذكريات تمور في وجداني
ويهدني المي فانشد راحتي
في بضع آيات من القرآن

والنفس بين جوانحي شفافه
دب الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أومن بالإله ولم أذق
إلا أخيرا لذة الإيمان

رحم الله هاشم الرفاعي شاعرا عبقريا رحل في ريعان الشباب بعد أن ترك للأدب وللتاريخ قصائد رائعة تسجل ما لقيه أصحاب التيار الإسلامي من قمع واضطهاد في صراعهم مع السلطة في عهد عبد الناصر ورحمه الله عبد الناصر زعيما وطنيا أصبح في ذمة الله والتاريخ تاركا لمصر إنجازات تاريخية . لا يستطيع أحد أن ينكرها من مجانية التعليم وقوانين الإصلاح الزراعي وتأميم قنال السويس وقوانين يوليو الاشتراكية والسد العالي … الخ


* المصادر والمراجع :
- ديوان هاشم الرفاعي – تحقيق محمد كامل حتة طبعة وزارة التربية والتعليم سنة 1960 م – نسخة بدار الكتب المصرية تحت رقم 75750
- ديوان هاشم الرفاعي – المجموعة الكاملة تحقيق محمد حسن بريغش الطبعة الثانية – مكتبة المنار بالاردن سنة 1985
- ديوان هاشم الرفاعي – تحقيق ودراسة عبد الرحيم الرفاعي – ط مكتبة الايمان – المنصورة – الطبعة الاولي سنة 1996 م
- رسالة في ليلة التنفيذ – دراسة وتحقيق مجدي الشهاوي – ط . مكتبة الايمان – المنصورة – الطبعة الاولي سنة 1993 م
- ثورة الشعر – محمد محمد الشهاوي – ديوان شعر – ط . مطبعة المستقبل دمنهور سنة 1962 م . الطبعة الاولي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق