الجمعة، 31 ديسمبر 2010

دراسة نقدية لديوان " حديث النفس "

دراسة نقدية لديوان " حديث النفس "
للشاعر / إسماعيل بريك

بقلم الشاعر / عبد اللطيف الأقرع
نقيب المعلمين بقلين

بداية أود أن أثبت هذه الحقيقة حيث أهدي إلي أخي الحبيب وصديق عمري الشاعر الإنسان .. الأستاذ / إسماعيل بريك ديوانه ( حديث النفس ) يوم الأربعاء الموافق 1/4/2009م فأخذته بيد الإجلال والتقدير ... وكما تعودت أخذت أتصفح قصائده بعد صلاة فجر يوم الخميس الموافق 2/4/2009م حيث يخاصمني النوم بعد صلاة الفجر كل يوم .. فطالعت القصيدة الأولي فجذبتني بقوة للثانية فالثالثة ولم أضعه من يدي إلا وقد أتيت عليه كله ..
وعلي أية حال .. فإنه ليسعدني أن أتجرأ وأنا تلميذ في مدرسة الشاعر والأديب الإنسان .. الأستاذ / إسماعيل بريك .. أن أسجل هذه الخواطر حول ديوانه " حديث النفس " .
1- القصائد الدينية : ( عشر قصائد ) .
1- ربط الشاعر الإيمان بالأحداث في براعة فنية دقيقة كما صور حال المسلمين في كلمات رقيقة ومعبرة اصدق تعبير كما في قصيدة ابتهال .
2- برع الشاعر في التصوير الإيماني المجسم لمناسك الحج تصويرا يسمو بالمشاعر وتخشع له القلوب وتهفو له الأنفس في بلاغة ويسر ويعبر بصدق عن جذور إيمانية راسخة لدي الشاعر .
3- ظهرت الصور البلاغية كلوحة لفنان مبدع لما فيها من تناسق الألوان وترابط الأفكار دون طمس لهوية كل فكرة علي حدة .
4- كما أن الشاعر اخذ يفرغ شحنته الإيمانية في صورة إرشادات ومواعظ إسلامية بطريقة جذابة محببة إلي الأنفس فترق لها القلوب وتزرف لروعة تصويرها الدموع وهذا يتضح في قصائد ( يا زئرا ارض الحجاز – اهواك يا بلد الحبيب – في حب رسول الله – يارب هذي توبتي ) .
5- وتتجلي براعة الشاعر الفنان في قصيدتي ( اله الكون – نور الله – حيث برع في اختياره لبحر سهل وكلام عذب وأفكار تمثل رسوخ الإيمان والتقوي والورع ، ونقترح أن يقرر المسئولون عن التربية والتعليم هاتين القصيدتين في منهج الأناشيد لمرحلة التعليم الابتدائي .
2- الوطنيات ( احدي عشر قصيدة )
1- رأينا الشاعر في قصيدته ( حزب الأدب ) يرسم لنا في شجاعة أدبية منقطعة النظير يرسم لنا لوحة فنية متكاملة الأركان تأخذك من دنيا الكلمة لتعيش فيها بكل جوارحك وكأنك في عالم الحقيقة .. وهذا يدل علي أن الشاعر قد مر بتجربة شعورية مماثلة حيث تجلت براعته في تطويع الكلمة وصياغتها في صور بيانية وبلاغية تحملك من عالم الخيال إلي عالم الحقيقة .
2- أما قصائد ( في مأتم العراق – يا ارض العراق – بغداد يا وجع العروبة – دماء الحر ) فاقترح أن تسمي ( رباعية العراق ) وقد عبر الشاعر في قصيدته ( في مأتم العراق ) بصدق عن لوعة كل عربي من نكبة العراق . وقد جاءت القصيدة خفيفة الوزن وتصلح لان تكون مرثية غنائية وان كنت اختلف مع الشاعر في عنوان القصيدة ولكن عزائي في ذلك أن المعني في بطن الشاعر .
3- كما عبر الشاعر في بقية قصائده الرباعية عن الوطنية الصادقة مع البكاء علي الأطلال والتعجب من سخرية القدر كما في قصيدة ( يا ارض العراق كما تجلت النزعة الإيمانية والتعلق بالأمل في قصيدة ( بغداد يا وجع العروبة ) . أما في قصيدة ( دماء الحر ) فقد صور فيها الشاعر مأساة إعدام صدام حسين تصويرا دقيقا برزت فيه الصور البلاغية التي تتناغم مع الحدث وتبرز معالمه فيقرأها القاريء بقلبه قبل عينيه .
4- لنا وقفة طويلة مع قصيدة ( عفوا عمالقة الممالك ) حيث أن القصيدة تأخذك إلي الطريقة الاسقاطية حيث يظن كل من يقراها أنه بطلها كما أن القصيدة مليئة بالحكم وتروي مآسي الشعوب في انسجام ونغم ولا أبالغ إذا قلت أن هذه القصيدة هي أروع قصائد الديوان كما أنها ( عالمية ) تندرج علي كل الشعوب .
5- أما رباعية الوطن ( ارض الكرام – للعلا ... يا بناة الوطن – مصر تجري في دمائي – بلادي جنة الدنيا ) فهي تمثل لوحة فنان عاشق لتراب وطنه يتغني بأمجاده ويوقظ الهمم ويبشر بالأمل ... كما أن ثلاثية ( للعلا .. يا بناة الوطن – ومصر تجري في دمائي – وبلادي جنة الدنيا ) فكل منها تمثل غنوة وطنية أري إقرارها ضمن مناهج الأناشيد بمرحلة التعليم الابتدائي.
6- أما قصيدة ( مأساة غزة ) فهي تصوير دقيق لحزن دفين وضياع عربي .

3- الوجدانيات : ( سبع عشرة قصيدة )
1- استطاع الشاعر أن يصور حادث قطار الصعيد تصويرا مأساويا دقيقا جسد فيه حجم المأساة ولنسمي هذا النوع من القصائد ( أدب الكوارث ) كما جعلنا الشاعر نعيش بوجدانيات مع فجيعة الأم في نوع جديد من أدب الفجائع .
2- كما أن الشاعر ابتدع نوعا جديدا من الأدب هو ( أدب المساكين ) متمثلا في قصائده التي بدأت بقصيدة ( مصرع رغيف ) حتي قصيدة ( حياتي ) وفي هذه القصائد استطاع الشاعر أن يصور ببلاغة فائقة وسلاسة في الأفكار وتلاحق الصور البلاغية استطاع أن يصور المآسي اليومية التي يتعرض لها السواد الأعظم من الشعب والموظفين وفي مقدمتها رغيف الخبز كما أن بعض قصائده مثل ( أحزان الشتاء ) تصلح لان تكون اوبريتا غنائيا كما أنها تمثل نوعا دقيقا للرمزيات .
3- كما أن الشاعر لم ينس انه كان موظفا فصور هموم الموظفين في لوحات فنية دقيقة ورقيقة ثم رسمها بريشة فنان قدير تجلت في استخدام الألفاظ المناسبة والصور المألوفة وإغراء القاريء علي قراءتها بقلبه لا بعينه .
كما انه وقف ( علي باب الوزير ) في شجاعة أدبية ولم يخشي في الحق لومة لائم بالإضافة إلي انه أعطانا ومضات تعبر بصدق عن شريحة الموظفين التي أكلها المجتمع لحما وتركها عظما وذلك فيما يسمي ( أدب ما بعد الستين ) .
4- وإذا كان الشاعر قد حلق بنا في تجليات إيمانية في عالم القبور والأموات إلا انه لم يوفق – من وجهة نظري – في شيخوخة النفس حيث أن النفس لا تصاب بالشيخوخة . كما انه أخذنا عنوة إلي قسوة الأيام والدهر حيث رسم لنا نظرة تشاؤمية لم نعهدها من شاعرنا الرقيق .
4- الغزليات : ( تسع قصائد )
1- نري الشاعر في قصائده ( الغزليات ) نراه صاحب تجارب عاطفية جياشة وحس مرهف وخبرة كبيرة بلغة العيون ولذا جاءت قصائده مليئة بالصور البلاغية الصادقة والمعبرة عن حب عفيف كما انه اختار لمعظمها بحورا خفيفة مما جعلها اقرب إلي الشعر الغنائي مثل ( ابلغ سليمي ) .
2- رأينا الشاعر في ( زمن الشقاوة ) جاء بأدب مكشوف ولكنه تعبير جيد عن شقاوة زمن المراهقة . كما أنني لست أدري لماذا أصر الشاعر علي اختيار عنوان بعض قصائده مصغرا مثل ( سليمي ) ؟ !!
3- جاءت بعض قصائده الغزلية في صورة ومضات عاطفية عابرة مثل ( سليمي ) كما جاء بعضها في إطار فلسفي عميق يجسد المعاني والمشاعر العاطفية في روعة وجلال مع عدم الخلو من عبث الشباب إلا أنها تقود القاريء إلي ضرورة اختيار شريكة حياته وفق رؤي ذاتية مثلما جاء في ( قالوا : تزوج ؟!! ) و ( أغار من شوقي إليك ) و ( لقاء ) .
4- أما قصيدة ( حبيبتي أنا ) فهي قصيدة غزلية رائعة توحي برؤي كثيرة مثل الغزل العفيف لمحبوبة مازالت بالغيب وقد تنسحب هذه القصيدة علي حب الوطن وفيها تتجلي وطنية الشاعر وهيامه في حب الأم الحبيبة مصر . وكنت أتمني أن تستبدل كلمة ( جفاء ) صـ 73 بكلمة ( شقاء ) .
5- الرثاء : ( ثلاث قصائد )
1- برؤية إيمانية صادقة ... وبحب جارف ... وفكر ثاقب ينعي الشاعر والده . كما انه نعي الفنان (عبد المنعم مطاوع ) بالوفاء لفنان مبدع .. وبالتقدير لفن طاهر عفيف .. وبالإعجاب بالمبدعين وذلك من خلال لوحة شعرية تعبر بصدق عن روح الفنان المبدع إسماعيل بريك .
2- أما قصيدة ( عمان تبكي ) فهي قصيدة وطنية صادقة لا تمثل رثاء ولكن تمثل إعزازا وتمجيدا وتقديرا لزعيم الثورات الوطنية في كلمات صادقة صور بلاغية دقيقة وان كنت اختلف مع الشاعر في اختيار العنوان حيث كنت أتمني أن يكون ( النيل يبكي ) بدلا من ( عمان تبكي ) .
6- الفكاهيات : ( ثمان قصائد )
1- جاءت بعض قصائده الفكاهية في صورة أدب واقعي يعبر عن بعد نظر الشاعر وخبرته الإدارية العميقة كما في ( ثياب الثعلب ) كما رسمت لنا ريشة الشاعر الفكاهية الأدب الرمزي الذي لم يخل من الأدب المكشوف متمثلا في ( دحلاب ودحلابه ) .
أما(فردة القبقاب ) فرغم عدم لياقة العنوان الأدبية إلا انه جذاب وهي تمثل لوحة غرامية تمثل زمن الشقاوة ولا تخلو من الأدب المكشوف أيضا .
2- لقد أعطانا الشاعر وأفاض علينا بروائع من الأدب الاجتماعي الراقي المليء بالصور البلاغية التي تعبر عن صدق الصورة وواقعية التجربة كما جاء في ( استقالة محضر ) و ( حقد العزول ) التي صورت نوعا من الأمراض الاجتماعية المنتشرة في مجتمعنا ولكن القصيدة لم تقدم لنا الدواء لهذا المرض .
3- أما قصيدة ( اليوم يا أختاه جاءت محنتي ) فالعنوان طويل بعض الشيء وكان يكفي له ( محنتي ) إلا أن القصيدة أكثر من رائعة لصدقها وواقعيتها ودقتها مما تجعل القاريء يعيش أحداثها وكأنه صاحبها .. فتهنئتي الصادقة لشاعرنا العظيم علي هذه القصيدة البارعة .
4- أما قصيدة ( يا بيت ) فهي حكاية قرن حيث تصور الزمن الماضي تصويرا دقيقا مع الإبداع في تطويع الألفاظ والمعاني حتي تجسدت الصورة الحقيقية للبيت الريفي القديم .
7- المنوعات : ( خمس قصائد )
1- قصيدة ( يا ورد مين قدك ) أدب غنائي راق فيها سمو للمعاني وتجسيد للمشاعر في صور بلاغية إبداعية . أما قصيدة ( ومضة ) فهي تمثل أدب الوفاء والحب والتقدير لشاعرنا الكبير / محمد الشهاوي .
2- أما قصيدة ( بشري لنا عبد الحميد ) رحمه الله – فهي أيضا تمثل نوعا من أدب الوفاء ونري الشاعر قد طوع فيها الأدب لإبراز مآثر الشرفاء وهذا سلاح يملكه الشاعر ببراعة وخاصة في أدب المديح .
3- أما قصيدة شاعرنا الكبير ( إسماعيل الضنين ) ( ستعيش سباقا ) فقد جاءت كتحفة أدبية من شاعر مرهف مبدع إلي شاعر مبدع فنان . وقد جاءت كنوع من التقريط الصادق الذي جاء من فارسه ليصادف صاحبه .
انتهي بحمد الله تعالي
مع خالص تحياتي
الجمعة 3/4/2009 م
عبد اللطيف محمد الأقرع

نقيب المعلمين بقلين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق